نعيش خلال هذه الأيام موجة حادة من إرتفاع أسعار المنتوجات و الخدمات، نتيجة عدة أسباب دولية و داخلية بالإضافة إلى تدعيات سوء التدبير و السياسة الغير حكيمة في تطوير العديد من القطاعات. بما فيها القطاع الفلاحي الذي يعتبر أساس دول العالم الثالت أو ما يطلق عليها بالدول النامية، لقد بلغ ارتفاع الأسعار مستويات قياسية تفوق القدرة الشرائية للمواطنين. أمام غياب الحلول بدأت عدة أصوات بالمطالبة برفع الأجور و خفض الضرائب بهدف إمتصاص إرتفاع المواد الأساسية.
قبل الخوض في هذا الموضوع دعنا نتعرف على معنى "ارتفاع الأسعار" يشير إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات في الاقتصاد. يحدث ذلك عادة عندما يزيد الطلب على المنتجات والخدمات عن العرض المتاح ، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار. كما يمكن أن يحدث ارتفاع الأسعار عندما تزيد تكاليف إنتاج المنتجات أو توزيعها. وتؤثر ارتفاع الأسعار سلباً على الاقتصاد بشكل عام، حيث يؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين وارتفاع التضخم. كما يمكن أن يؤثر ارتفاع الأسعار بشكل سلبي على الأعمال التجارية ويقلل من الإنتاجية والربحية.
لا يمكن الجزم بالتحديد بماهية السبب الرئيسي لإرتفاع الاسعار لكن يعود االسبب الرئيسي إلى اتفاع تكلفة الإنتاج. حيت يؤثر هذا الاخير بشكل مباشر على سعر المنتجات، و تتمثل تكلفة الإنتاج في كل ما يدخل في إنتاج منتوج ما من المادة الأولية، الكهرباء، العمالة و الضرائب، يشهد المغرب كذلك موجة ارتفاع الأسعارحيت ارتفع سعر بعض المنتجات إلى أكتر من 200%، خصوصا بالمواد الغدائية في مقدمتها الخضروات و التي فاق سعرها القدرة الشرائية للمواطنين.
إن هذا الإرتفاع لا يؤثر فقط على المستهلكين و المواطنين، بل يؤتر على الإقتصاد الكلي للبلاد. حيت ترتبط أسعار السلع والخدمات بشكل مباشر بالاقتصاد وتؤثر عليه بعدة طرق. عندما يحدث ارتفاع في الأسعار، يتأثر الاقتصاد بشكل سلبي بسبب الأثر السلبي الذي ينتج عن ذلك على المستهلكين والشركات. ومن بين الآثار الرئيسية لارتفاع الأسعار على الاقتصاد:
- ارتفاع التضخم: يمكن أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى زيادة معدل التضخم في الاقتصاد. يعني زيادة أسعار السلع والخدمات أن يتم دفع مزيد من الأموال للحصول عليها، مما يزيد من كلفة المعيشة بشكل عام ويخفض قدرة الناس على شراء السلع الضرورية.
- انخفاض الطلب: عندما يرتفع سعر السلع والخدمات، يتردد المستهلكون في شراءها ويبحثون عن بدائل أرخص. وبالتالي، يمكن أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى انخفاض الطلب على بعض السلع والخدمات، مما يؤدي إلى تراجع في إيرادات الشركات المنتجة وتخفيض الإنتاج والتوظيف.
- تدهور القوة الشرائية: يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تقليل القدرة الشرائية للمستهلكين، مما يؤدي إلى تخفيض إنفاقهم على السلع والخدمات ويؤثر على النمو الاقتصادي.
- تأثير على التجارة الخارجية: يمكن أن يؤثر ارتفاع الأسعار على الصادرات والواردات، وبالتالي على التجارة الخارجية بشكل عام. فعلى سبيل المثال، إذا ارتفعت تكاليف الإنتاج في بلد معين، فإن منتجاته قد تصبح أقل تنافسية على المستوى العالمي.
أمام هذا الإرتفاع يرى العديد من الناس أن رفع الأجور و خفض الضرائب، هو الكفيل بخفض الأسعار لكن هذا الأمر يأتي بنتيجة معاكسة حيت يساهم في زيادة إرتفاع الأسعار نتيجة زيادة الطلب. كما خفض الضرائب و زيادة الأجور هم إجرائين لا يمكن أن يلتقيان حيت أن أكبر مورد لأجور العاملين في القطاع العام يأتي من خلال الضرائب المعتمدة من طرف الدولة. مما يعني أن خفض الضرائب سيؤدي خفض مزانية الدولة، مما يؤدي إلى تخفيض الأجور.
كما أشرنا سابقا فإن سبب إرتفاع الأسعار يعود إلى ضعف الإنتاج و الإنتاجية و إرتفاع تكلفة الإنتاج، لهذا على الدولة حل المشكل من أساسه عبر رفع الإنتاج و تخفيض تكاليف الإنتاج من خلال دعم الإنتاج والاستثمار في البنية التحتية، وتشجيع المزارعين والمنتجين على زيادة إنتاجهم. و كمثال على ذلك نأخد القطاع الفلاحي حيت يجب على الدولة خفض تكلفة الإنتاج على المزارعين، يتمثل ذلك في خفض تمن لبدور و الاسمدة بالإضافة إلى تشجيع الفلاحين على إستعمال الطاقة الشمسية في السقي، بدل غاز البوتان و البنزين قد تساهم هذه الإجراءات في زيادة الإنتاج و العرض في الأسواق مما يؤدي إلى خفض سعر المواد الغدائية. كما سيساهم خفض التصدير و تقليص سسلة التوريد بين الفلاح و المستهلك الرئيسي في التقليل من إرتفاع الأسعار.